♢بسم الله الرحمن الرحيم♢
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا الدرس السابع والأخير. من أحكام صلاة الوتر.
وفيه مسائل.
☆المسألة الثالثةوالعشرون☆
الأفضل في القنوت أن يكون في النصف من رمضان ولابأس في العام.
الأولى أن يقتصر المسلم على القنوت في النصف الأخير من شهر رمضان إذاصلى الوترفي جماعة كثيرة.
وهذامذهب الشافعي وأصحابه، وهورواية عن مالك،ورواية عن أحمد،
قال أبوداودفي مسائله(66) (قلت لأحمد:القنوت في الوترالسنة كلها؟قال:إن شئت،قلت:فماتختار؟قال:أما أنافلا أقنت إلا في النصف الباقي،إلا
أن أصلي خلف الإمام فيقنت فأقنت
معه)
وقال صالح في مسائله(435/1): (وسألته عن القنوت؟فقال:مذهبي في
القنوت في شهر رمضان:أن يقنت في
النصف الآخر،وإن قنت السنة كلها فلا
بأس،وإن كان إمام يقنت قنت خلفه)
وذكرالإمام ابن تيمية كمافي مجموع
الفتاوى(271/22)أنه إن قنت بهم الشهر كاملا أونصفه أولم يقنت فقد أحسن.
وأنظر أيضاالمدونه(195/1)ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبدالله(99)
والأوسط(207/5)وإكمال المعلم(658/2)والمنتقى للباجي (210/1)والفروع(362/2) والإنصاف(125-124/4)
فلايستحب القنوت في حق الجماعة في غير رمضان.وقال بعضهم ولافي غير النصف الثاني من رمضان. ولافي
حق من صلى وحده،أومع أهله،أومع شخص واحد،في جميع ليالي العام لأن جميع من روى صلاة النبي صلى
الله عليه وسلم الوتر وحده، أومع رجل واحد، لم يذكروا أنه قنت في وتره،ولماثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما:أنه كان لايقنت إلافي النصف ( يعني من رمضان)
رواه ابن أبي شيبة(7005):حدثناابن عيلة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
وسنده صحيح
ورواه كذلك برقم(7006)حدثنا الثقفي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر بنحوه. وسنده صحيح
وأما ماروي عن أبي الشعتاء أنه قال: سألت ابن عمر عن القنوت؟فقال:ما رأيت أحدا يفعله.
فإنما أرادقنوت صلاة الفجر،كماهو صريح في رواية أخرى عن أبي الشعتاء عنه.
ينظر:شرح معاني الآثار(246/1)
وإتحاف المهرة لابن حجر(465/8)
وكذا مارواه ابن أبي شيبة(7018)
بسندصحيح عن ابن عمر،أنه كان لا يقنت في الفجر ولافي الوتر،فكان إذا
سئل عن القنوت،قال:(مانعلم القنوت، إلاطول القيام وقراؤة القرآن)
فيجمع بين الرويات عن ابن عمر بأن
المراد في غيرالنصف الأخير من رمضان. والله أعلم
ولأنه روي أن أبيا ومعاذا كانايقنتان لماصليا بالصحابة في رمضان في الوتر في عهد عمر في النصف الأخير منه
رواه ابن أبي شيبة عن الحسن(أن أبيا أم الناس في خلافة عمرفصلى
بهم النصف من رمضان، لايقنت فلما مضى النصف،قنت بعد الركوع،فلما دخل العشر أبقى وخلى عنهم فصلى بهم العشرمعاذالقاري في خلافة عمر)
وسنده إلى الحسن صحيح على شرط مسلم،وهو مرسل
ورواه أبوداود(1429)والطبري كما في الاستذكار(77/2)بسندآخر صحيح عن الحسن به
وروى أبو داود (1428)حدثنا أحمد بن محمدبن حنبل،حدثنا محمدبن بكر
أخبرناهشام،عن محمد،عن بعض أصحابه،أن أبي بن كعب أمهم-يعني-
في رمضان،وكان يقنت في النصف الآخر من رمضان. ورجاله ثقات،سوى
هذاالرجل المبهم.
وروى عبدالرزاق(7729)عن معمر،عن
الزهري،أن أبي بن كعب كان يقنت في النصف الآخرمن رمضان بعد الركوع،وسنده صحيح،وهو مرسل
وروى ابن أبي شيبة (7009):حدثنا
محمدبن بكر،عن ابن جريج،قال:قلت
لعطاء:القنوت في شهررمضان،قال: (عمر أول من قنت)،قلت:النصف الآخر أجمع؟قال:(نعم)وسنده حسن مرسل.
وقدروي عن علي ابن أبي طالب أنه كان لايقنت إلا في النصف الآخر من رمضان)وانظرسنن الترمذي(329/2)
وقالوا أيضا أستمر عمل أهل الكوفة والمدينة على ذلك في عهدصغار الصحابة وفي عهدالتابعين
وثبت عن عثمان بن سراقة وكان واليا على مكة في عهد عمر بن عبد العزيز وقبله، أنه كان يقنت في النصف الثاني من رمضان،وكان يقنت بعد الركوع.وسنده حسن رواه الفاكهي(1944)
وعن الأوزاعي أنه قال:أماأهل المدينة
فإنهم يقنتون في النصف الباقي إلى
انسلاخه. وسنده حسن.رواه البيهقي
في الكبرى(7734)
عن داود بن حصين ،عن عبدالرحمن بن هرمز-وهوتابعي مدني-قال:سمعته
يقول:ماأدركت الناس إلاوهم يلعنون الكفرة في شهررمضان. وسنده صحيح قال الباجي في المنتقى (210/1))يريدبالناس الصحابة، ومعنى ذلك أنهم كانوايقنتون في رمضان بلعن الكفار،ومحل قنوتهم الوتر..ولاخلاف أن المرادبه القنوت)
وإن قنت إمام في أول رمضان أوقنت المنفردفي جميع أيام العام لم ينكرعليه ويتابع المأموم إمامه في ذلك.
وقدروى ابن هانئ في مسائله (100)
أن أحمد رجع إلى القول بمشروعية القنوت في السنة كلها. ويستأنس لذلك:بماورد من روايات فيها إطلاق قنوت عمر وابن مسعود وبعض الصحابة في الوتر،كماسبق في المسائل المتقدمة في الدرس السادس
وبماذكره بعضهم من أن القنوت دعاء
وقدثبت عن الصحابة في النصف الثاني من رمضان،فيقاس عليه أيام العام للإمام والمنفر.
وإن كان يضعف هذا كله وجود المقتضى لذلك في عهدالنبوة وفي عهد الصحابة، ومع ذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولاثبت ثبوتا قاطعا عن أحد من أصحابه مع حرصهم على الخير، والله أعلم.
طيب يبقى لو قال:قائل: روي عن ابن مسعود من أنه كان يقنت في الوتر كل ليلة.
الجواب على هذا أنه لم يثبت
فقد رواه ابن أبب شيبة(7015) عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعود. وفي
سنده أشعت بن سوار،وفي روايته ضعف،ورواية إبراهيم عن عبدالله يقويها بعض الحفاظ.
والثابت عن ابن مسعود هو ماروى الطحاوي في شرح معاني الآثار (253/1)والطبراني في المعجم الكبير(برقم9165)عن عبدالرحمن بن الأسودعن أبيه عن ابن مسعود أنه كان لايقنت في شيء من الصلوات إلا الوتر،فإنه كان يقنت قبل الركوع.
ورجاله ثقات،عداالمسعودي ففي روايته ضعف لاختلاطه،لكن الراوي عنه عندالطبراني أبونعيم،وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط،كمافي الكواكب النيرات،فهوسندصحيح.
وقال:الحافظ ابن حجرفي الدراية (193/1) عن سندالطبراني:(صحيح)
ونظرالإرواء(425)
طيب يبقى لو قال:قائل حديث الحسن بن علي رضي الله عنهمافي دعاء القنوت من أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه هذا الدعاء ان يقوله
في قنوت الوتر وهذا يشعر على أنه سيفعل هذا في كل ليلة يصلي فيها الوتر.
ويقتضي ذلك أنه سيفعل هذا في العام كله.
والجواب على هذا أن يقال: أولا:أن الحديث ضعيف فقد ضعفه بعض أهل العلم فقد رواه أحمد(١٧١٨)
وأبوداود(١٤٢٧)وغيرهما من طريق أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراءعن الحسن.
ورواه أحمد(١٧١٨)عن وكيع عن يونس بن أبي إسحاق به، وقد رواه الطبراني في الكبير(2708) من طريق عبيدالله بن الحسن، وأحمد(١٧٢٧)من طريق شعبة، والطبراني(٢٧٠٩)والبيهقي في الكبرى
(٣١٨٢)،وفي الدعوات(٣٨٠) من طريق
العلاءبن صالح، كلهم عن بريد به دون
ذكر القنوت، فمن رواه دون ذكر القنوت أكثر وأوثق،
فذكر القنوت في هذا الحديث شاذ.
وقد جزم جمع من الحفاظ بعدم ثبوت هذا الحديث.
1)قال الإمام أحمد:(ليس يروى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء)
2)وقال الحافظ ابن خزيمة(لست أحفظ خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت)
3)وقال الحافظ ابن عبدالبر(لايصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت حديث مسند)
4)وقال الشوكاني (وقدضعف ابن حبان حديث الحسن هذا، وقال:توفي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحسن ابن ثمان سنين فكيف يعلمه صلى الله عليه وآله وسلم هذاالدعاء،
وقد أشار صاحب البدر المنير إلى تضعيف كلام ابن حبان، وقد نبه ابن
خزيمة وابن حبان على أن قوله في قنوت الوتر تفرد به أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم وتبعه ابناه يونس
وإسرئيل وقد رواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه القنوت ولاالوتر)
أنظر نيل الأوطار(٣\٥١)
وينظر الكلام على هذاالحديث أيضا
أذكارالصلاة وأدعيتها للمشيطي(١٧٩)
والإخباربمالايثبت من أحاديث الأذكار
لزكرياالباكستاني(٧٣-٧٥)
وثانيا: على القول بصحة الحديث وقد صححه العلامة أحمدشاكر في (تحقيقه للترمذي)(٢\٣٢٩)
والعلامة الألباني في(إرواءالغليل) (٢\١٧٢) ومحقق(جامع الأصول) (٥\٣٩٥)
فإن لايستحب المداومة عليه. لماثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر ولايقنت أحيا، فدل ذلك على أنه لايستحب المداومةعليه.
كما ثبت عن الصحابة رضي الله عنه والتابعين ترك القنوت في الوتر، وثبت عن بعضهم ترك القنوت في الوترطوال السنة إلا في النصف من رمضان، وثبت عن آخرين القنوت في
الوتر طوال السنة)
وهذاالاختلاف منهم مشعر بأنه لم يثبت لديهم جميعهم قنوت الرسول صلى الله عليه وسلم في كل صلاة وتر،وفي هذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يترك الوتر أحيانا. والله أعلم.
☆المسألة الرابعة والعشرون☆
الوتر على الدابة
يجوز أن يصلي المسافر سفرا طويلا
أوقصيرا الوتر على الراحلة، ولايجب
عليه حينئذ استقبال القبلة، لاعند تكبيرة الإحرام ولا في بقية صلاة الوتر، وهذا قول الجنهور.
أنظر شرح ابن رجب(٦\٢٦٥-٢٦٧)
والدليل على ذلك ماجاء من حديث جابر رضي الله عنه قال:أرسلني رسول الله صلى الله وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال لي بيده هكذا،ثم كلمته فقال لي هكذا، وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه فلما فرغ قال: مافعلت في الذي أرسلتك له؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني
كنت أصل.)
رواه البخاري(١٢١٧)ومسلم(٥٤٠)
وليس في رواية البخاري ذكرالسفر.
عن ابن عمرضي الله عنهما-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر سبحته حيث توجهت به ناقته. قال ابن عمر: وفيه نزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة:١١٥]
وهذا الحكم مجمع عليه في الجملة في السفر الذي تقصر فيه الصلاة
قال الترمذي(٢\١٨٣)(العمل على هذا عند عامة أهل العلم، لانعلم بينهم خلاف)
ونظر شرح مسلم للنووي)(٥\٢١٠)
والشرح الكبير لابن قدامة(٣\٣٢٠)
وإكمال المعلم(٣\٢٧)ونيل الإوطار (٢\١٨٣)وحاشية الروض المربع (١\٥٥٠)
تم بحمد الله.
في30من جمادى الأولى لعام1438
كتبه:أبوالحارث
عبدالله الريني
المدينة النبوية: حرسها الله
0 التعليقات:
إرسال تعليق