♢بسم الله الرحمن الرحيم♢
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أم بعد:
فهذا الدرس الأول:
من أحكام صلاة قيام الليل.
☆المسألة الأولى:تعريف القيام☆
القيام في اللغة:نقيض الجلوس،
والليل: من غروب الشمس إلى طلوع
الفجر.
انظر لسان العرب:مادة(قوم)(١٢\٤٩٦)
وقد أجمعواعلى أنه يدخل بغياب الشفق،ثم أختلفوافي المراد بالشفق.
أنظر: الاوسط(٣\٣١)والاستذكار(١\٣٠
مراتب الإجماع(٣١)المغني(٢\٢٥) وعارضة الأحودي(١\٢٧٧) المجموع (٣\٣٨)و مجموع الفتاوى ابن تيمية (٢٣\٢٦٧)
وقيام الليل في الاصطلاح: عمارة الليل أو بعضه بطاعة الله تعالى.
(ومعنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة-وقيل بساعة منه-
يقرأ،أويسمع القرآن،أوالحديث، أويسبح،أويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم)
انظر مراقي الفلاح(ص٢٦٥)
وقالوا أيضا:(المراد بالقيام كل طاعة يتحقق بها إحياء الليل)
قال الحافظ ابن حجرفي فتح الباري
(٣\١٠):(يحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله(قيام الليل)ماهو أعم من الصلاة والقراءة والذكر وسماع الموعظة والتفكر في الملكوت وغير ذلك.)
وقال الصنعاني في سبل السلام (٢\٣٥٥):(قيام رمضان:أي قيام لياليه مصليا أو تاليا).
☆المسألة الثانية:حكم قيام الليل☆
قيام الليل بالصلاة مستحب بإجماع أهل العلم.
قال ابن عبد البرفي التمهيد(٢٤\٢٥): (صلاة الليل نافلة بإجماع المسلمين وقال الله جزوجل{ومن الليل فتهجد به نافلة لك}
وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوبه في الجملة:لهذه الآية التي في [سورة الإسراء:٧٩]
وأستدلوا: بماروى البخاري(٤٦) ومسلم(١١) من حديث طلحة بن عبيدالله،قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته،ولانفقه
مايقول حتى دنامن رسول الله صلى
عليه وسلم،فإذا هويسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خمس صلوات في اليوم، والليلة)فقال:هل علي غيرهن؟قال:(لا،إلا أن تطوع،وصيام شهررمضان) فقال:هل علي غيره؟قال
(لا،إلا أن تطوع)وذكرله رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة،فقال:هل
علي غيرها؟قال:(لا،إلا أن تطوع)قال:
فأدبر الرجل،وهو يقول:والله لا أزيد على هذا، ولاأنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أفلح إن صدق)
تنبيه:أستدلالهم: بهذا الحديث على عدم وجوب شيء من الصلوات غير الصلوات الخمس لم يصب ، وذلك لأن حديث الأعرابي إنماهو في تقرير
الواجب بحق الإسلام،فلاينفي الواجب بغيره،لأن وجوب غير الصلوات الخمس إنماهوبأسباب خاصة.
قد تكلمنا على هذا بتوسع في حكم صلاة تحية المسجد وأنها واجبة وناقشنا أستدلالهم بحديث الأعرابي من كلام العلماء. هناك في المسألة.
وإنما ذكرناه هنا لأنهم أستدلوا به على هذه المسألة.
قال الحافظ ابن عبدالبرفي التمهيد (١٣\٢٠٩):(قيام الليل سنة مسنونة لاينبغي تركها فطوبى لمن يسر لها وأعين عليها،فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عمل بهاوندب إليها...
وقد روي عن بعض التابعين أن قيام الليل فرض ولو كقدر حلب الشاة
وهوقول متروك والعلماء على خلافه والذي عليه العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين أن ذلك فضيلة لافريضة ولوكان قيام الليل فرضا لكان مقدارا مؤقتا معلوما كسائر الفرائض)
☆المسألة الثالثة:فضل قيام الليل☆
قيام الليل هو أفضل صلاة التطوع المطلق،وأفضله صلاة آخر الليل
وهذا مجمع عليه. ويدخل في ذلك صلاة التراويح. لقوله تعالى {والذين
يبيتون لربهم سجدا وقيما}[الفرقا:٦٤]
وقوله تعالى{أمن هو قنت ءانآ الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه}[الزمر:٩]وقوله تعالى {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاوطمعا}[السجدة١٦]
ولما روى مسلم(١١٦٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟وأي الصيام أفضل بعدشهر
رمضان؟فقال:أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل وأفضل اليصام بعدشهر رمضان
صيام شهر الله المحرم)
ولماثبت عن عبدالله بن سلام،قال:لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم انجفل الناس إليه،وقيل:قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم،فجئت في الناس لأنظر إليه،فلما استبنت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيءتكلم به أن قال: أيها الناس،أفشوا السلام، وأطعمواالطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)
رواه أحمد(٢٣٧٨٤)والترمذي(٢٤٨٥)
●أفضل صلاة الليل:مايؤدى منها في الثلث الليل الآخر لقوله تعالى {ءاخذين مآءاتهم ربهم إنهم كانواقبل
ذلك محسنين○كانواقليلا من الليل مايهجعون○وبالاسحارهم يستغفرون} [الذاريات١٦]
وقوله تعالى{والمستغفرين بالأسحار}
[آل عمران١٧]
لماروى البخاري(١١٤٥)و مسلم(٧٥٨)
عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول:من يدعوني فأستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له)
ولما روى البخاري(١١٣١)ومسلم(١١٥٩)
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم نصف الدهر، وأحب الصلاة إلى الله عزوجل صلاة داود عليه السلام:كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثم يرقد آخره.
وقد حكى النووي في شرح مسلم (٨\٥٥)وابن القاسم في حاشية الروض(٢\٢١٩) الإجماع على ذلك. وقال ابن تيمية كما في جامع المسائل له(٦\٢٩١):(قيام الليل أفضل التطوعات،كما ثبت في الصحيح عنه أنه سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟فقال:صلاة الليل)
وقال الحافظ ابن حجرفي فتح الباري(٣\٣١) من الفوائد:تفضيل صلاة آخر الليل على أوله. وتفضيل تأخير الوتر لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه.آخرالليل أفضل للدعاء والاستغفار،ويشهد له قوله تعالى {والمستغفرين بالأسحار}وان الدعاء فيه مجاب)
☆ولقيام الليل فوائد وفضائل كثيرة ☆ أهمها:
1)أن قيام الليل من صفات المحسينين،كما قال تعالى{إن المتقين في جنات وعيون@ءاخذين مآ ءاتهم
ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين@
كانوا قليلا من الليل مايهجعون@ }
[الذاريات١٧]
2) أنه من صفات عبادالرحمن،كما قال تعالى:{وعبادالرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما@والذين يبيتون
لربهم سجدا قيما@}[الفرقان٦٣-٦٤]
3)أن قيام الليل من أسباب دخول الجنة بسلام، لماثبت عن عبدالله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.
رواه أحمد(٢٣٧٨٤)والدارمي (١٤٦٠) الترمذي(٢٤٨٥)وابن ماجة(١٣٣٤) والحاكم(٣\١٣) وإسناده صحيح.
4)بل إن قيام الليل من أسباب دخول أعالي الجنان قال تعالى:{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}[الإسراء٧٩]
قال ابن رجب فجعل جزاءه على التهجد بالقرآن بالليل أن يبعثه المقام المحمود، وهوأعلى درجاته صلى الله عليه وسلم.
وروى الإمام أحمد(٢٢١٠٩)والترمذي (٣٢٣٥)وغيرهما.
عن معاذبن جبل رضي الله عنه قال: احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى الشمس،فخرج سريعا فثوب بالصلاة ،فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوز في صلاته،فلماسلم دعا بصوته فقال لنا: (على مصافكم كما أنتم)ثم انفتل إلينا فقال:(أماإني سأحدثكم ماحبسني عنكم الغداة:أني قمت من الليل فتوضأت فصليت ماقدر لي فنعست في صلاتي فاستثقلت،فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة،فقال:يامحمدقلت:لبيك رب، قال:فيم يختصم الملأ الأعلى؟قلت:
لاأدري رب،قالها ثلاثا) (قال: (فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي،فتجلى لي كل شيء وعرفت،فقال:يامحمد،قلت:لبيك رب، قال:فيم يختصم الملأ الأعلى؟قلت: في الكفارات،قال: ماهن؟قلت:مشي الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات،وإسباغ الوضوءفي المكروهات،قال:ثم فيم؟
قلت:إطعام الطعام،ولين الكلام، والصلاة بالليل والناس نيام.قال:سل.
قلت:اللهم إني أسألك فعل الخيرات،
وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفرلي وترحمني،وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك،وحب عمل يقرب إلى حبك)قال رسول الله صلى
عليه وسلم:(إنهاحق فادرسوهاثم تعلموها).
رجاله ثقات،وفي أسانيده اختلاف،
قال الترمذي:(قال أبوعيسى هذا حديث حسن صحيح سألت محمدبن أسماعيل عن هذا الحديث فقال هذا حديث حسن صحيح)،وقدرجح أحمد وأبوحاتم والدارقطني هذه الرواية.
وصححها كما سبق البخاري والترمذي
وعليه فالحديث صحيح من هذا الطريق.
وقد حسن الحديث ابن عبدالبرفي التمهيد(٢٤\٣٢١)والبغوي في شرح السنة (٤\٣٨) والألباني في ظلال الجنة(٤٦٥-٤٧٠)وصحيح الترغيب٤٠٨
5)كماأن قيام الليل يوجب من نعيم الجنة: ما لم يطلع عليه العباد في الدنيا، لقوله تعالى{تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون@ فلا تعلم نفس مآ أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا@}[السجدة١٧]
وروى البخاري(٣٢٤٤)ومسلم(٢٨٢٤)
عن أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:قال الله تعالى:(أعدت لعبادي الصالحين، ما لاعين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قرأ{فلاتعلم نفس مآ أخفي لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملوه}
قال بعض السلف:أخفوا لله العمل فأخفى الله لهم الجزاء، فلو قدموا عليه لأقر تلك الأعين عنده.
ومما يجزي به المتهجدين في الليل: كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة، فإن المتهجد قد ترك لذة النوم
ولذة التمتع بأزواجه طلبا لما عند الله عزوجل،فعوضه الله تعالى خيرا مما تركه وهو الحور العين في الجنة، قال بعضهم: طول التهجد مهورالحور
العين في الجنة)
6)أن قيام الليل من أعظم أسباب النجاه من الفتن.
لماروى البخاري(١١٥) عن أم سلمة قالت:استيقط النبي-صلى الله عليه وسلم-ليلة فزعا يقول:(سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجرات، يريد أزواجه لكي يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)
قال العلماء:معناه أيقظوا نسائي يسمعن،يريد ماظهر إليه من وقوع الفتن ويحذرهن من ذلك فيفزعن إلى
الصلاة والدعاء وغيرذلك من أعمال البر مما يرجى أنه يدفع الله به عنهن
الفتن، وهذه سنة في أن يفزع الإنسان إلى الصلاة والدعاء عندما يطرأ من الآيات والأمور المخوفة قال الله عزوجل{ومانرسل بالأيات إلا تخويفا} وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-في الكسوف:(فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة)، وذكرابن عبدالبرفي التمهيد(٢٣\٤٤٩)
وابن بطال في شرحه للبخاري(١\١٩٠)
تفسيرا آخر للأمرين بإيقاظهن، وقد يكون أيقظهن لذلك كله، إذ لاتعارض بين هذه التفسيرات.
ونظر ايضا المنتقى(٧\٢٢٥)
7)أن قيام الليل يواطئ القلب فيه اللسان والقراءة فيه أقوم وأحرى بالإجابة قال الله تعالى{إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} [المزمل:٦]
8)أن قيام الليل يحل عقد الشيطان
لماروى البخاري(١١٤٠)عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال:يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)
ويدخل في هذا الحديث قيام الليل وصلاة الفجر
قال في شرح الزرقاني على الموطأ (١\٦١٠):(فإن صلى) فريضة أو نافلة ( انحلت عقدة)
9)أن في قيام ثلث الليل الآخر اغتناما لوقت من أعظم أوقات الإجابة، فحري بمن دعا الله تعالى في هذا الوقت أن يستجيب الله دعاءه، لما سبق ذكر في فضل هذا الوقت الذي ينزل في ربناتبارك وتعالى الى السماءالدنيا نزولا يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
10)أن قيام الليل-ومثله بقية النوافل
يجبر النقص والخلل الذي يحصل في الفرائض.
لماثبت عن تميم الداري -رضي الله عنه-عن البني صلى الله عليه وسلم قال:(أول مايحاسب به البعد يوم القيامة الصلاة، فإن كان أكملها كتبت
له كاملة، وإن لم يكن أكملها قال الله تعالى للملائكة :انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فأكملوا بها ماضيع من فريضة، ثم الزكاة، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك)
رواه أحمد(١٦٩٤٩)وأبو داود(٨٦٦) وابن أبي شيبةفي كتاب الإيمان (١١٢-113)وقد روي موقوفا لكن له حكم الرفع،وله شواهد، فوهو حديث صحيح
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أول مايحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول ربنا-جل وعز-لملائكته-وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي، أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة،كتب له تامة، وإن كان انتقص منها شيئنا، قال: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال:أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم)
أخرجه أحمدفي المسند(٢\٢٩٠)
وابن المبارك في الزهد(١٩٥) وأبوداود
(٨٦٤)والنسائي كتاب الصلاة (١\٣٢٢)
والترمذي(٤١٣) الحاكم(١\٢٦٢)وقال: صحيح الإسناد.
والحديث صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه(١\٢٤٠)وفي صحيح سنن الترمذي(١\١٣٠)وفي صحيح سنن النسائي(١\١٠١)وفي صحيح سنن أبي داود(١\١٦٣)
وعن ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي
قال:كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،فأتيته بوصوئه وحاجته،فقال لي:(سل.فقلت:أسألك مرافقتك في الجنة. قال:أوغير ذلك؟
قلت:هو ذاك قال:فأعني على نفسك بكثرة السجود)
أخرجه مسلم(٤٨٩)والنسائي(٢\٢٢٧)
والترمذي(٣٤١٦)وأبوداود(١٣٢٠) وابن ماجه(٣٨٧٩)وابن المبارك في الزهد (١٠٦-١٢٣٦)
فائذة:ليس لرببعة بن كعب في الكتب الستة سوى هذا الحديث.
انظر:تحفة الأشراف(٣\١٦٨)
عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال
لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل
أعمله يدخلني الله به الجنة-أوقال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله؟-فسكت،
ثم سألته؟فسكت،ثم سألته الثالثة؟ فقال:سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال:(عليك بكثرة السجودلله فإنك لاتسجدلله سجدة إلارفعك الله بها درجة،وحط بهاعنك خطيئة).قال معدان:ثم لقيت أبا الدرداء،فسألته؟فقال لي مثل ماقال لي ثوبان؟
أخرجه مسلم(٤٨٨)والنسائي(٢\٢٢٨)
وابن ماجه(١٤٢٣)
والحديثان يدلان على فضيلة الإكثار من صلوات التطوع.
والمراد بالسجود هنا:صلوات التطوع، لان السجود بغير صلاة أو لغير سبب،
غير مرغب فيه على انفراده.
والسجود وإن كان يصدق على الفرض، لكن الإتيان بالفرائض لابد منه لكل مسلم وإنما أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شيء يختص به ينال به ماطلبه.
11)أن من قام آخر الليل واستمر قيامه إلى السحر لاتفوته صلاة الفجر غالبا لأنه يكون مستيقظا عند أذان الفجر.
●ولذلك كله فإنه ينبغي للمسلم أن يحرص على قيام الليل، وأن يفعل الأسباب التي تعينه على القيام لصلاة الليل، لئلا تفوته هذه الفضائل
والأجور العظيمة.
●ولهذا فإنه ينبغي للمسلم أن يحرص على فعل الأسباب التي تيسرت في هذا العصر مما يعين على قيام الليل، والأخص تلك الساعات المنبهة، وان يحرص على الساعات التي لها صوت مرتفع يعين على الانتباه لصلاة الليل.
☆المسألة:الرابعة فضل ليالي رمضان
ومن ذلك أحياءليالي رمصان بالقيام
قال العلامة محمدناصرالدين الألباني
☆فضل قيام ليالي رمضان:☆
1-قدجاء فيه حديثان:
الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان،من غير أن يأمرهم بعزيمة،ثم يقول:
(من قام رمضان إيمان احتساباغفرله ماتقدم من ذنبه).
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمرعلى ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدر من خلافة عمر رصي الله عنه)
أخرجه مسلم وغيره،وعند البخاري منه المرفوع من قوله صلى الله عليه وسلم، وهو مخرج في (الإرواء) (٤\١٤-٩٠٦)وفي(صحيح أبي داود (١٢٤١)
والآخر : حديث عمروبن مرة الجهني
قال:جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال:يارسول الله أرأيت إن شهدت أن لاإله إلاالله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان،وآتيت الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(من مات على هذاكان من الصديقين والشهداء)
أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في (صحيحيهما)وغيرهما بسند صحيح
أنظر تعليقي على(ابن خزبمة)(٣\٣٤٠-١٤٠٦)وصحيح الترغيب (١\٤١٩-٩٩٣)
☆ليلة القدر☆
2-وأفضل لياليه ليلة القدر لقوله صلى الله عليه وسلم:(من قام ليلة القدر[ثم وفقت له]،إيمانا واحتسابا، غفر له ماتقدم من ذنبه)
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وأحمد من حديث عبادة بن الصامت، رضي الله عنه والزيادة له،ولمسلم عن أبي هريرة.
3-وهي ليلة سابع وعشرين من رمضان على الأرجح، وعليه أكثر الأحاديث منها حديث زر بن حبيش قال:سمعت أبي ابن كعب يقول-وقيل له-إن عبدالله بن مسعود يقول:من قام السنة أصاب ليلة القدر - فقال أبي رضي الله عنه:رحمه الله،أراد أن لايتكل الناس،والذي لاإله إلاهو ،إنها لفي رمضان يحلف مايستثني-والله إني لأعلم أي ليلة هي؟هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لاشعاع لها.
ورفع ذلك في رواية إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم وغيره وهومخرج في (صحيح أبي داود)(١٢٤٧)
فهذا الدرس الثاني من أحكام قيام الليل.
وفيه: مسائل.
☆المسألة الخامسة☆ يكره مداومة قيام الليل كاملاطوال السنة.
للحديث الذي رواه اللخاري (١٩٧٤-١٩٧٧)ومسلم(١١٩٥)
عن عبدالله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهماقال:أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول: لأقومن الليل ولأصومن النهار ماعشت،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(آنت الذي تقول ذلك؟ فقلت له:قدقلته يارسول الله،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإنك لاتستطيع ذلك،فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام،
فإن الحسنة بعشرأمثالها،وذلك مثل صيام الدهر)قال قلت:فإني أطيق أفضل من ذلك يارسول الله،قال: (صم يوماوأفطريومين)قال قلت:فإني أطيق أفضل من ذلك يارسول الله،قال:صم يوما وأفطر يوما،وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام)قال قلت:فإني أطيق أفضل من ذلك،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا أفضل من ذلك) قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما:(لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،أحب إلي من أهلي ومالي)
ولماروى البخاري(١١٥١)عن عائشة رضي الله عنها،قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال:(مه عليكم ماتطيقون من الأعمال،فإن الله لايمل حتى تملوا)
ولأن ذلك نوع من الغلو المذموم الذي
يخشى أن يتسبب في ترك العبادة أو عدم المداومة على ماكان يفعله من هذا القيام
قال ابن القيم في مدارج السالكين (٢\٤٩٦):(الغلو نوعان:نوع يخرجه عن كونه مطيعا،كمن زاد في الصلاة ركعة أو صام الدهر مع أيام النهي أو رمى الجمرات بالصخرات الكبار التي يرمى بهافي المنجنيق أوسعى بين الصفا والمروة عشراأونحو ذلك عمدا.
وغلو يخاف منه الانقطاع والاستحسار كقيام الليل كله وسرد الصيام الدهر أجمع بدون صوم النهي
والجور على النفوس في العبادات والأوراد ...)
قال العلماء:اتخاذ ذلك عادة من غير حالة غالبة ليس شأن السلف
انظر مواهب الجليل(١\٤١٠)
قال في فيض القدير(٦\١٩١):(قال أصحابنا ويكره قيام الليل كله أي إدامته لاليلة أو ليالي)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى
(١\٢٤٧):والفتاوى الكبرى(٢\١١٤): (مسألة:فيما يشتبه على الطالب للعبادة من جهة الأفضلية مما اختلف فيه الأئمة من المسائل)فذكرمنه: (هل قيام الليل كله بدعة أم سنة أم قيام بعضه أفضل من قيامه كله؟)
☆المسالة السادسة:كراهة قيام ليلة كاملة حتى الصباح.☆
قال الجمهور بكراهة ذلك
قال في عمدة القاري(٧\٢٠٩) (فيه دليل على أن الصلاة جميع الليل مكروهة وهو مذهب الجمهور وروي عن جماعة من السلف أنه لابأس به وهو رواية عن مالك رحمه الله تعالى إذا لم ينم عن الصبح)
وإن كان يؤدي إلى أن يصلي الفجر وهو في حال نعاس أو أرهاق شديد فهو مكروه بالإجماع.
لمارواه مسلم(736) عن عائشة رضي الله عنها قالت:مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح وماصام شهرا متتابعا إلارمضان)
ولأن ذلك يؤدي غالبا إلى ضرر اوتفويت حق.
(وقيام الليل كله لمن يصلي الصبح مغلوباعليه مكروه اتفاقا، قاله ابن عرفة)
وقالوا: ايضانقلا عن بعض اهل العلم: (لابد في قيام الليل كله من ضرر أو تفوبت حق)
أنظر ماقاله ابن القيم في التبيان في أيمان القران(ص٤٤٠-٤٤١)
والفروع(٢\٣٩٥)والفواكه الدواني (٢\٣٣٩)
وإن علم أوغلب على ظنه أن قيامه الليل كاملا سيؤدي إلى نومه عن صلاة الفجر حتى يخرج وقتها، حرم هذا القيام،لأن مايؤدي إلى حرام محوم.
¤يستثنى من عموم كراهة قيام ليلة كاملة: الليالي الفاضلة،كليلة العشر الأواخر من رمضان. وسيأتي ذكره في مسألة تخصيص بعض الليالي بقيام أو طول قيام.
☆المسألة السابعة: يكره قيام الليل حال النعاس☆
فيستحب لمن أصابه النعاس أن يترك الصلاة ويرقد،وإن كان النعاس شديدا
وجب عليه ترك الصلا. لماروى البخاري(٢١٢) ومسلم(٧٨٦) عن عائشةرضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذانعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذاصلى
وهو ناعس لعله يذهب يستغفر، فيسب نفسه)
ولمارواه مسلم (٧٨٧)عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى عليه وسلم:(إذاقام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يدري مايقول، فليضطجع)
قال القسطلاني في إرشاد الساري (١\٢٨٤):(فلينصرف)أي بعد أن يتم صلاته لا أنه يقطع الصلاة بمجرد النعاس خلافا للمهلب حيث حمله على ظاهره)
قال النووي في شرح مسلم(٦\٧٤): (وفيه أمر الناعس بالنوم أونحوه مما يذهب عنه النعاس وهذا عام في صلاة الفرض والنافل في الليل والنهار وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور لكن لايخرج فريضة عن وقتها.
قال القاضي:وحمله مالك وجماعة على نفل الليل لأنه محل النوم غالبا).
☆المسألة الثامنة:يستحب الجلوس لمن أرهقه طول القيام☆
قلنا يستحب لمن أرهق من طول القيام في صلاة الليل أن يصلي جالس،
ويسحتب لمن أرهق من طول صلاة الليل أن ينهي الصلاة،وأن يرقد،
لماروى البخاري(١١٥٠)ومسلم(٧٨٤)
عن أنس بن مالك،رضي الله عنه،قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين،فقال:ما هذاالحبل؟قالوا:هذاالحبل لزينب فإذا فترت تعلقت،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا،حلوه،ليصل أحدكم نشاطه فإذافتر فليقعد)
قال الحافظ ابن حجرفي فتح الباري (٣\٣٦):(قوله:(فليقعد)يحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن القيام فيستدل
به على جواز افتتاح الصلاة قائما والقعود في أثنائها،وقد تقدم نقل الخلاف فيه. ويحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن الصلاة أي بترك ماكان عزم عليه من التنفل،ويمكن أن يستدل به على جواز قطع النافلة بعد
الدخول فيها)
قال ابن بطال في شرح البخاري (٣\١٤٥):(اختلف السلف في التعليق بالحبل في النافلة عند الفتور والكسل،فذكر ابن أبي شيبة عن أبي حازم:أن مولاته كانت في أصحاب الصفة قالت:وكانت لناحبال نتعلق بها
إذافترنا ونعسنافي الصلاة، فأتانا أبو بكر ففال:اقطعوا هذه الحبال وافضوا إلى الأرض.
وقال حديفة في التعليق في الصلاة: إنمايفعل ذلك اليهود.
ورخض في ذلك آخرون،قال عراك بن مالك:أدركت الناس في رمضان تربط لهم الحبال يستمسكون بها من طول القيام)
وذكر عياض في إكمال المعلم(٣\٨٦)
نحوه،ثم قال:(وأماالأتكاءعلى العصى
لطول القيام في النوافل فما أعلم أنه
اختلف في جوازه والعمل به،إلا ما روى عن ابن سيربن في كراهة ذلك)
☆المسألة التاسعة: يكره ترك قيام الليل☆
لماروى البخاري(١١٤٤)ومسلم(٧٧٤)
عن عبدالله بن مسعود رصي الله عنه
قال:ذكر عندالنبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقيل:مازال نائما حتى أصبح، ماقام إلى الصلاة، فقال:رجل (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه)
قال في المجموع(٤\٤٧):(ينبغي أن لايخل بصلاة الليل وإن قلت)
وانظر الاوسط(٥\١٣٤)
قال ابن علان في دليل الفالح٦\٦٣٤)
(حتى أصبح)أي لم يقم فيه للتهجد)
وينظر:الإقناع لابن المنذر (١\١٣٧)
وقال النووي في شرح مسلم(٦\٦٤)
:(اختلفوا في معناه فقال: بن قتيبة معناه أفسده يقال بال في كذا إذا أفسده.
وقال:المهلب والطحاوي وآخرون هو استعارة وإشارة إلى انقياده للشيطان
وتحكمه فيه وعقده على قافية رأسه
عليك ليل طويل وإذلاله.
وقيل:معناه استخف به واحتقره واستعلى عليه يقال لمن استحف بإنسان وخدعه بال في أذنه وأصل ذلك في دابة تفعل ذلك بالأسد إذلالا له.
وقال:الحربي معناه ظهر عليه وسخر منه.
قال:القاضي عياض ولايبعدأن يكون على ظاهره قال وخص الأذن لأنها حاسة الانتباه)
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين(١\٣٠٤): (في تأويل هذا الحديث وجهان:أحدهما: أن يحمل على ظاهره، وقدجاءفي القرآن أن الشيطان ينكح،قال تعالى: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان-} وقال:{أفتتخذونه وذريته}وجا في الحديث أنه يأكل ويشرب،فلا يمتنع أن يكون له بول وإن لم يكن على ما يظهر للحس.
والثاني:أنه مثل مضروب،شبه هذا الغافل عن الصلاةة لتثاقله في نومه بمن وقع البول في أذنه فثقل سمعه وفسدحسه،
والعرب تضرب المثل هذا،قال الراجز:
(بال سهيل في الفضيح ففسد... وطاب ألبان اللقاح وبرد)
وأراد:طلع سهيل،فجعل طلوعه في إفساد الفضيح بمنزلة البول فيه)
¤وتتأكدالكراهة في حق من اعتاد قيام الليل،فيكره له ترك مااعتاد.
لماروى البخاري(١١٥٢)ومسلم(١١٥٩)
عن عبدالله بن عمروبن العاص رضي الله عنهماقال:قال لي رسول الله صلى
الله عليه وسلم:ياعبدالله لاتكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل
قال الحافظ العيني في عمدة القاري
باب مايكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه(٧\٢٠٩):(أي هذاباب في
بيان كراهة ترك قيام الليل وهو الصلاة فيه لمن كان له عادة بالقيام وذلك لأنه يشعربالإعراض عن العبادة
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (١\١٧٥): (في قوله عليه الصلاة والسلام:(كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)التحذير من كون الإنسان يعمل العمل الصالح ثم يدعه فإن هذاقد ينبىء عن رغبه عن الخير وكراهة له وهذاخطرعظيم
وإن كان الإنسان قد يترك الشيء لعذر فإذا تركه لعذر فإن كان ممايمكن قضاؤه قضاه وإن كان مما لايمكن قضاؤه فإن الله تعالى يعفو عنه)
وينظر الأوسط(٥\١٣٥)وطرح التثريب(٥\١٦٤)وسبل السلام(٢\٢٧٩)
تم بحمد الله
في يوم الإربعاء16جمادى الآخرة لعام 1438 هجرية.
كتبه: أبوالحارث
عبدالله الريني
0 التعليقات:
إرسال تعليق