الخميس، 3 نوفمبر 2016

فهذا الدرس الثاني والاخير للاخ ابي الحارث عبدالله الريني وفقه الله

  الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنامحمدوعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه 
أمابعد 
فهذا الدرس الثاني
من أحكام صلاة الاستسقاء.
وهوعبارة عن تكملة للدرس الأول
وهي المسألة الثالثة من الدرس الأول
وإنما جعلنا هذه المسألة درس مستقل خشية الإطالة. 
المسألة الثالثة:صلاة الاستسقاء كصلاة العيد:
تصلى صلاة الاستسقاءعلى الصفة التي تصلى بهاصلاة العيد،فيكبر في
الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى 
تكبيرتي الركوع،وتكون هذه التكبيرات،قبل القراءة.
وصلاة الاستسقاءركعتان يجهرفيهما
كصلاة العيد.
والدليل على ذلك.
ماجاء عن إسحاق بن عبدالله بن كنانة،قال:أرسلني الوليد بن عتبة-وكان أميرالمدينة-إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول آلله عليه الصلاة والسلام ،في الاستسقاء؟
فقال:((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، متبذلا متواضعا متضرعا،
حتى أتى المصلى فرقي على المنبر،ولم يخطب خطبكم هذه،  
ولكن لم يزل في الدعاءوالتضرع والتكبير،ثم صلى ركعتين كمايصلي 
 في العيد)
أخرجه أبوداود (1165 )والترمذي (558 )والنسائي(156/3 )وابن ماجة(1266 )وحسنه الألباني في ارواءالغليل(133/3 )
فائدة فقول ابن عباس(لم يخطب خطبكم هذه )يشير إلى أن النبي صلى آلله عليه وسلم. خطب خطبة
لاتشبة الخطب الموجودة في زمن
بني أمية،إمالأن اكثرهادعاءاولقصرها
،أولغيرذلك،وكأن الأقرب الأول،فهولم
ينفي الخطبة،وإنما ذكر أنهالاتشبه الخطب التي وجدت في عهدبني أمية.

وهذاالحديث من الأحاديث التي يستدل بها في ترجيه الخطبة قبل الصلاة كماسيأتي معنا.

صلاة الاستسقاءفي المصلى.
السنة في صلاة الاستسقاء أن تصلى،
كمادلت عليه الأحاديث السباقة،إلا  
أهل مكة ،فإنهم يصلون في المسجدالحرام ولايخرجون عنه،على هذاجرى عمل السلف-رضوان الله عليهم-
نص على ذلك الإمام الشافعي في 
((الأم ))(234/1 )ولفظه((...إلاأهل مكة،فإنه لم يبلغناأن أحد من السلف
صلى بهم عيدا إلا في مسجدهم.. ولم
أعلمهم صلواعيداقط ولااستسقاءالا فيه ))
قال في بداية المجتهد(اجمع العلماء على أن الخروج إلى الإستسقاء ،  والبروزعن المصر،والدعاءالى الله-تعالى-والتضرع إليه في نزول المطر
سنة سنهارسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلفوافي الصلاة في 
الاستسقاءفالجمهورعلى ان ذلك من  سنة الخروج إلى الاستسقاء،الاأبا حنيفة ))
وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري(294/6 )((الخروج لصلاة الاستسقاءالى المصلى مجمع عليه بين العلماء،حتى وافق الشافعي عليه
مع قوله:إن الأفضل في العيد أن يصلى في الجامع إذاوسعهم.وذلك لان الاستسقاءيجتمع له الخلق الكثير ،فهومظنة ضيق المسجدعنهم،
ويحضر النساء و الرجال وأهل الذمة 
والبهائم والأطفال فلايسعهم غير الصحراء ))
تنبيه إخراج البهائم للمصلى في الاستسقاء ليس عليه دليل.
سئل الشيخ العلامة ابن بازرحمه الله:
هل يشرع إخراج البهائم للاستسقاء؟
فقال رحمه الله لاأعلم عليه دليلا.

ومن الأدلة على أن صلاة الاستسقاء
في المصلى:
(1 )ماجاءمن حديث عائشة السابق: ((شكاالناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قحوط المطر، فأمربمنبر،
فوضع له في المصلى،ووعدالناس يوما يخرجون فيه.. ))أخرجه أبوداود

(2 )ماجاء في حديث ابن عباس السابق:((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، متبذلا متواضا متضرعا
حتى أتى المصلى،فرقي على المنبر )
أخرجه أصحاب السنن 

(3 )ماجاء في حديث عبدالله بن زيد:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يصلي... ))أخرجه الشيخان.

صفة الخروج إلى المصلى:
السنة في الخروج إلى الاستسقاء
أن يكون بتبذل وتواضع وتضرع وتمسكن ومترسلا فيدع الله- عزوجل-ويسأله،
ويستسقي،ويكبر،ويحمدالله.
((التبذل:ترك التزين،وترك التهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة ))
((التواضع:التذلل والتخاشع ))
التضرع:((المبالغة في السؤال والرغبة . ))
(التمسكن:الخضوع والذلة،والتشبه بالمسكين. ))
((مترسلا ))من الترسل في( المشي)
أي متأنيافي مشيته،عليه سيما  السكينةوالوقار.
لان الاستسقاء للدعاءهو التضرع بين
يدي الله تعالى والانكساروالضعف وإطهارالفاقة والحاجةإليه-تبارك وتعالى-ولذافإنه،يخرج إليهابحالة من
التواضع في المسكنه والتخشع في القلب والتضرع باللسان،والتذلل في
الثياب والهيئة.
فهذاالحال أقرب إلى إجابة الدعاء،  وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يخرج إليهاليكون أسوة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في
الشرح الممتع(211-210/5 )((وإنماقالوا:إنه يستحب أن يتنظف،
لأن هذامكان اجتماع عام،وإذاكان الناس فيهم الرائحة المؤذية،فإن هذا
يؤذي بعض الحاضرين،فلهذااستحبوا
أن يتنضف،ولكن لايتطيب.وهذايمكن
أن تجعله (لغزا) فتقول:ماالصلاةالتي
لاينبغي الإنسان أن يتطيب لها؟
الجواب:هي صلاة الاستسقاء، لأن صلاة الجمعة يستحب لهاالطيب،  وغيرها لايؤمربه،ولاينهى عنه،
ولااستسقاء لايتطيب لها،وعللواذلك
لأنه يوم استكانة وخضوع،والطيب
يشرح النفس،ويجعلهاتنبسط أكثر ،
والمطلوب في هذااليوم الاستكانة  والخضوع،لأن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج((متخشعامتذللامتواضعا ))
وهذاأيضافي النفس منه شي،وذلك
لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان
يعجبه الطيب،وكان يحب الطيب ،
ولايمنع إذاتطيب الإنسان أن يكون متخشعامستكينالله-تعالى-ولهذا لو أرادالإنسان أن يدعوالله بغير هذه الحال،لا نقول:الأفضل ألاتطيب من أجل أن تكون مستكينالله ))
جاءفي مجموع فتاوى ورسائل ابن عثبمين(358/16 )((سئل فضيلة الشيخ رحمه الله -تعالى-:إذاخرج الإنسان للاستسقاءمتطيبا فهل ينكر
عليه؟فاجاب فضيلته بقوله: لاينكرعليه لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب، وإن كان بعض الفقهاء قال(إذاخرج للاستسقاء
لايتطيب )وهذا لادليل عليه،والطيب لا يمنع الاستكانة،والخضوع لله ))
وأنظرأيضا تسهيل الفقه (500/4 )

ويرفع الإمام يديه ويرفع الناس أيديهم يدعون .
ويشرع للإمام إذاخرج إلى المصلى أن يخاطب الناس،ويذكرهم بحاجتهم
إلى السقياء،ويرشدهم إلى الدعاء،ويدعو،ويستقبل القبلة.
ولاتشرع خطبة على غيرالصفة السابقة:
والدليل على ذلك مايلي:
(1 )ماجاءفي حديث ابن عباس السابق :((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فرقي على المنبر
ولم يخطب خطبكم هذه،ولكن لم يزل في الدعاءوالتضرع والتكبير،ثم
صلى ركعتين... ))أخرجه أبوداود 

(2 )ماجاءفي حديث عائشة،قالت:((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بداحاجب الشمس،فقعدعلى المنبر،فكبر، صلى آلله عليه وسلم، وحمدالله عزوجل
ثم قال:((إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخارالمطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم آلله عزوجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم-ثم قال:-الحمدلله رب العالمين،الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين،لاإله إلاالله يفعل مايريد،اللهم أنت الله لاإله إلاانت 
الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، وجعل ماأنزلت لناقوة وبلاغا إلى حين
.ثم رفع يديه،فلم يزل في الرفع حتى بدت بياض إبطيه،ثم حول إلى الناس ظهره ... ))أخرجه أبوداود.
 
(3 )عن عبدالله بن زيد الأنصاري قال:((إن النبي صلى الله عليه وسلم 
خرج بالناس يستسقي لهم فقام فدعاالله قائما،ثم توجه قبل القبلة،  وحول رداءه فأسقوا ))أخرجه البخاري (1022)(1028 )ومسلم (894 )
(4 )عن أنس قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم، لايرفع يديه في شئ
من دعائه إلا في الاستسقاء،وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه))أخرجه
البخاري(1031 ) ومسلم(895 )
وبوب البخاري:(( باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء  ))
وأوردتعليقاعن أنس بن مالك قال: ((أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم  يوم
الجمعة فقال:يارسول الله هكت الماشية،وهلك العيال،وهلك الناس فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو،ورفع الناس أيديهم معه يدعون... ))
قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله قول أنس محمول على أمرين:
(1 )إماأن يكون هذاوهم من أنس.
(2 )أوأن يكون قصدانس في قول: ((لايرفع يديه في شئ من دعائه إلا
في الاستسقاء )):أي:لايرفعهاحتى يرى بياض إبطيه إلاعند دعاء  الاستسقاء.
أنظرمسائل ابن باز(191 )

تبين من هذالأحاديث أنه يستحب
أن يقدم الإمام الخطبة والدعاء على
الصلاة.
وإن قدم الإمام الصلاة على الخطبة
لا ينكر عليه.
لماذهب إليه جمهورأهل العلم من استحباب تقديم الصلاة،مستدلين لحديث ابن عباس السابق بلفظ  اخر ،وهووإن كان غيرصريح في ذلك، لكن بعض ألفاظه تحتمل ذلك. 
ولفظه((عن هشام بن إسحاق بن عبدالله بن كنانة عن أبيه،قال:أرسلني
أميرمن الأمراء إلى ابن عباس أسأله
عن الصلاة في الاستسقاء،فقال ابن
عباس:مامنعه أن يسألني؟:خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم 
 متواضعامتبذلا،متخشعا،مترسلا، متضرعا، فصلى ركعتين كمايصلي العيد، ولم  يخطب خطبكم هذه ))
قال الشيخ محمد بن إبراهيم كما في
فتاويه(132/3 )((جاءتقديم الصلاة
على الخطبة وهوالذي عليه العمل، وصرح به الأصحاب،ولكن يجمع بينه
وبين حديث عبدالله بن زيدبإن الكل جائز،فيكون وجهان في ذلك،كل سنة.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله 
في مجموع فتاويه(355/16 )
((أماالاستسقاءفهوخطبة واحدة ،  حتى على قول من يرى أن صلاة العيد لهاخطبتان،فهي خطبة واحدة،
إما قبل وإمابعدالصلاة.فالأمركله جائز
ولو أن الإمام حين حضرإلى المصلى
فاستقبل القبلة ودعا،وأمن الناس على ذلك لكان كافيا،وإن أخرالخطبة
إلى مابعدالصلاة فهوأيضاكاف وجائز 
فالأمرفي هذاواسع.((وإنماقلت ذلك
لئلاينفرأحد مماقديفعله بعض الأئمة من الخطبة والدعاء، في صلاة الاستسقاءقبل الصلاة،فإن من فعل ذلك لاينكرعليه،لأنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم  ))
وينظر:الأستذكار(427/2 )(والمفهم(538/2 )

((مشروعية تحويل الإمام رداءه أثناءالدعاؤفي الإستسقاء ))
يشرع للإمام تحويل الرداءأثناالدعاء
في الاستسقاء،ولايشرع ذلك الناس معه
والدليل على ذلك
(1 )حديث عائشة في خروجه صلى الله عليه وسلم،  وصلاته بالناس الاستسقاءقالت((... ثم رفع يديه،فلم
يزل في الرفع حتى بدابياض إبطيه، ثم حول إلى الناس طهره، وقلب-أو حول- رداءه وهورافع يديه،ثم أقبل
على الناس،ونزل فصلى ركعتين... ))

(2 )ماجاءفي رواية أبي داودلحديث
عبدالله بن زيدالمازني قال:((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم 
يستسقي،فحول إلى الناس ظهره ،  يدعوالله عزوجل واستقبل القبلة، وحول رداءه))
وفي رواية((وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وجعل عطافه الأيسرعلى عاتقه الأيمن،ثم دعاالله عزوجل ))
وفي رواية((استسقى رسول آلله عليه الصلاة والسلام  وعليه خميصة
سوداء،فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذبأسفلهافجعله اعلاها،فلماثقلت،قلبهاعلى عاتقه ))  أخرجه الشيخان كماسبق وفي سنن أبي داود برقم(1164-1162 )  وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(215/1 )

وهذاقول الجمهور قال: في المفهم ((540/2 )((وإنماقلب رداءه على جهة التفاؤل ،لانقلاب حال صلاة الشدة إلى السعة.وجمهورالعلماءعلى أنه سنة،على ماتضمنه هذاالحديث، وأنكره أبوحنيفة وصعصعة بن سلام
من قدماءالعلماءبالأندلس ،والحديث
حجة عليهم ))وأنظرأكمال المعلم  (314/3 )
ولايستحب المأمومين أن يقلبوا أرديتهم،لأن ذلك انماثبت من فعله 
صلى عليه وسلم،لماصلى بأصحابه، 
أماماروي من قلب الصحابة لأرديتهم
لماصلوامع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يثبت. 
رواه أحمدوهو حديث ضعيف .

قال:في المفهم(540/2 )((ثم هل يحول الناس أرديتهم إذاحول الإمام
أم لا؟ قال مالك:نعم ،و قال: الجمهور: لا))
وقال العلامة محمد بن حسن صاحب
ابي حنيفة في الموطأبروايته(67/2
:((أمافي قولنافإن الإمام يصلي، بالناس ركعتين،ثم يدعو،ويحول ، رداءه فيجعل الأيمن على الأسير الأيسرعلى الأيمن ولايفعل ذلك أحد
إلا الإمام ))
أنظرنصب الراية(243-241/2 )
التبيان في تخريج أحاديث بلوغ المرام(317/4 )

تم بحمدلله
في السادس عشر من محرم لعام
1438 هجري
    كتبه
        عبدالله الريني
            المدينة النبوية حرسها الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More