الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

الدرس الثالث من أحكام صلاة تحية المسجد. لأبي الحارث عبدالله الريني حفظه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبباء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
أم بعد:
فهذاالدرس الثالث من أحكام صلاة تحية المسجد.
وفيه مسائل:المسألة الثامنة:
وهي إذاصلى المأموم الراتبة القبلية في البيت ثم دخل المسجدوالصلاة لم تقم بعد يجب عليه أن يصلي تحية المسجد،
أم إن كان لم يصل الراتبة في المنزل،
فهوبالخيار إن شاء صلى تحية المسجد ثم السنة الراتبة، وإن شاء اكتفى بالسنة الراتبة وكفته عن تحية المسجد، هكذاقال العلماء.
لأن العبادات المتماثلة تتداخل،على تفصيل في ذلك ليس هذاموضع بسطه.
أنظرالمنثورفي القواعدللزركشي قاعدة التداخل(269-270/1) وكتاب التداخل بين الأحكام للدكتورخالد الخشلان

والأكتفاءبالسنة الراتبة أولى إذا كان في وقت نهي خروجامن خلاف من منع من تحية المسجدفي وقت نهي.
كمالودخل المسجدبعدأذان الفجر، في
وقت متسع قالوايصلي تحية المسجد ثم راتبة الفجر،لمافيه من كثرة التعبدلله تعالى.
أنظرالأشباه والنظائرللسيوطي:قاعدة
ماكان أكثرفعلاكان أكثرفضلا(143)
التداخل بين الأحكام للدكتورخالد الخشلان(96-97/1)

المسألة التاسعة:
من دخل المسجدوالإمام يصلي بالناس لم يجز له أن يصلي ركعتي تحية المسجد، وهذامجمع عليه عندالعلماء لأنه مأموربالصلاة مع الإمام.
قال الحافظ ابن حجر(قيل:اتفقوا على أن الداخل والإمام في الصلاة تسقط عنه التحية)
انظرفتح الباري(410/2)

المسألة العاشرة:
إذا دخل فوجد الصلاة قد أقيمت فصلى الفريضة فإن هذه الفريضة تنوب عن تحية المسجد،لأنه يكون صلى عند دخوله المسجد،فيكون فعل ماأمر له فعله في حديث أبي قتادة السابق من الصلاة قبل أن يجلس،ولأن المقصود بالتحية أن يبدأ عند دخوله المسجدبالصلاة.
قال النووي في المجموع(52/4)
(قال أصحابنا ولايشترط ان ينوي بالركعتين التحية بل إذاصلى ركعتين
بنية الصلاة مطلقا أونوى ركعتين نافلة راتبة أو غير راتبة أو صلاة فريضة مؤداة أو مقضية أو منذورة أجزأه ذلك وحصل له مانوى وحصلت
تحية المسجدضمنا ولاخلاف في هذا
قال أصحابناوكذا لو نوى الفريضة وتحية المسجد أو الراتبة وتحية المسجد حصلا جميعا بلاخلاف الى قوله وأماالتحية فالمرادبها أن لاينتهك المسجدبالجلوس بغيرصلاة.
وينظرأيصا:حاشية ابن عابدين(456/1)
وأيصاقالوا: وإن نوى بهذه الفريضة أداء الفرض والتحية معاحصل له أجرهمامعا لحديث(إنماالأعمال بالنيات)
رواه البخاري(1)ومسلم(1907
انظرحاشية ابن عابدين(456/1)

المسألة الحادي عشرة:
إذادخل المسجد وصلى صلاة الجنازة
هل تجزءه عن تحية المسجد.
أمالو لم يؤد بعد دخول المسجدسوى صلاة الجنازة فإن هذه الصلاة لاتنوب عن التحية لأن التحية لاتكون بأقل من ركعتين،بدلالة حديث أبي قتادة السابق، ويجب عليه أن يأتي بتحية المسجدلأنه لم
يجلس بعد.
قال في طرح التثريب(83/4) (الخامسة)وفيه أنهالاتحصل بأقل من
ركعتين وبه قال الجمهورمن أصحابنا
وغيرهم وقال بعض أصحابنا تحصل بركعة واحدة وبالصلاة على الجنازة
وبسجود التلاوة والشكرلأن المقصود
إكرام المسجدوهوحاصل بذلك وهذا ضعيف مخالف لظاهرالحديث)

أيضا في المقابل نقول إذا صلى أكثر من ركعتين جاز وحصل المطلوب.
قال النووي في المجموع(52/4)
(قال أصحابناوتحية المسجدركعتان
للحديث فإن صلى أكثر من ركعتين بتسليمة واحدة جاز وكانت كلهاتحية
لاشتمالهاعلى الركعتين ،ولوصلى على جنازة أوسجدلتلاوة أوشكر أوصلى ركعة واحدة لم تحصل التحية لصريح الحديث الصحيح هذا هوالمذهب)

المسألة الثانية عشرة:
إذازاد على الركعتين.
وإن زادالداخل المسجد على صلاة ركعتين فحسن،لأنه زيادة خير ويكون
مازاد على الركعتين تطوعامطلقا.
قال المناوي في فيض القدير (337/1)(ثم هذاالعدد لامفهوم لأكثره اتفاقا...فلوقعد شرع تداركهما إن سهاوقصرالزمن وكذا لودخل زحفا
أوحبوا فقوله(فلايجلس)غالبي إذ القصد تعطيم المسجد ولذلك كره تركها بلاعذر) ومعني قصرالزمن
(أي كانت المدة قصيرة)
وهذه الزيادة تدخل في التنفل المطلق والشارع قد رغب في ذلك في أحاديث كثيرة منها.

(1)عن أبي هريرةرضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((إن أول مايحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة.قال:يقول ربنا-جل وعز-لملائكته-وهوأعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمهاأم نقصها
فإن كانت تامة؛ كتبت له تامة، وإن كان انتقص منهاشيئا،قال:انظروا،هل
لعبدي من تطوع؟فإن كان له تطوع، قال:أتموا لعبدي فريضته من تطوعه
ثم تؤخد الأعمال على ذاكم))
أخرجه أحمد(290/2)وابوداود (864)والنسائي كتاب الصلاة (223/2)والترمدي(413) وابن ماجة
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة(240/1)وفي صحيح سنن أبي
داود(163/1)
المقصود الأعمال هنا: أي المتعلقة بحق الله تعالى(دليل الفالحين) (58/3)
قال ابن العربي في(عارضة الأحوذي)
(207/2)(يحتمل أن يكون يكمل له مانقص من فرض الصلاة وأعدادها بفضل التطوع،ويحتمل مانقصه من خشوع)
وقال العراقي فيمانقله عنه في تحفة الأحوذي(318/1)
(يحتمل أن يراد به ماانتقصه من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار والأدعية،وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة، وإن لم يفعله فيها،وإنمافعله في التطوع .
ويحتمل أن يراد به مانتقص أيضامن
فروضها وشروطها.
ويحتمل أن يراد ماترك من الفرئض رأسا ،فلم يصله، فيعوض عنه من التطوع والله عزوجل يقبل من التطوعات الصحيحة عوضا عن الصلوات المفروضة)

(2)عن ربيعة بن كعب بن مالك الاسلمي رضي الله عنه قال:كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،فأتيته بوضوئه وحاجته،فقال
لي:(سل.فقلت:أسألك مرافقتك في الجنة.قال:أوغيرذلك؟قلت:هوذاك قال
فأعني على نفسك بكثرة السجود)
أخرجه مسلم(489 وأصحاب السنن

والمرادبالسجودهنا:صلوات النافلة المطلقة،لأن السجود بغيرصلاة أولغير
سبب،غير مرغب فيه على نفراده.
والسجود وإن كان يصدق على الفرض،لكن الأتيان بالفرئض لابد منه
لكل مسلم،وإنما أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شيء يختص به ينال به مطلبه.
ولذلك أوردابن حجرالعسقلاني حديث ربيعة في باب صلاة التطوع
من(بلوغ المرام)(3/2سبل)

(3) عن معدان بن أبي طلحة اليعمري
قال:لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت:أخبرني
بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة-أو
قال:قلت:بأحب الأعمال إلى الله؟ فسكت،ثم سألته؟فسكت،ثم سألته الثالثة؟فقال:سألت عن ذلك رسول الله صلى الله علبه وسلم. فقال:
(عليك بكثرة السجود لله فإنك لاتسجدلله، سجدة إلارفعك الله بها درجة، وحط بهاعنك خطيئة) قال: معدان ثم لقيت أباذر ،فسألته؟فقال
لي مثل ماقال لي ثوبان.
أخرجه مسلم(488)
وهذه الأحاديث تدل على فضيلة الإكثار من صلاة النافلة المطلقة.

المسألة الثالثة عشرة:
من دخل المسجدفجلس ناسيانا أوجهلا.
من دخل المسجدفجلس قبل أن يصلي التحية جهلا أوناسيانا،فإن كان لم يطل الجلوس،فإن له أن يقوم فيصلي ركعتين،لمارواه مسلم عن أبي
قتادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس قال فجلست فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:مامنعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ قال فقلت يارسول الله رأيتك جالسا والناس جلوس قال:
فإذادخل أحدكم المسجدفلا يجلس
حتى يركع ركعتين)
ولأن وقتها لم يفت.
قال في إعانة الطالبين(296/1)
(فإن جلس قصيرا ساهياأوجهلا أنهالا
تفوت به وذلك لخبرالصحيحين:أنه صلى الله عليه وسلم،قال وهوقاعد
على المنبر يوم الجمعة لسليك الغطفاني لماقعد قبل أن يصلي:قم فاركع ركعتين)
وأما إذاجلس وطال الفصل وهولم يؤد ركعتي تحية المسجدفإنه لايشرع أداؤها حيئذ، وهذاقول الجمهور، لأنها ذات سبب فات وقتها.
قال في المجموع(53/4)(لوجلس في المسجدقبل التحية وطال الفصل
فاتت ولايشرع قضاؤها بالاتفاق. وعند الحنفية له أن يصلي عند دخوله أوعند خروجه)

المسألة الرابعة عشرة:
لايشرع للإمام إذادخل في وقت إقامة الصلاة أن يصلي تحية المسجد
وهذامجمع عليه عندأهل العلم لان النبي صلى الله عليه وسلم كان لايصلي تحية المسجد،وإنماكان يدخل وقت إقامة الصلاة ،فإذادخل أقيمت الصلاة، وأحياناكان بلال يؤذن
النبي صلى الله عليه وسلم بوقت الإقامة، ثم يرجع فيقيم،فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي بالناس
قال في حاشية ابن عابدين(456/1)
(واتفقواعلى أن الإمام لوكان يصلي
المكتوبة أوأخذالمؤذن في الإقامة أنه يتركها،)
ومن أدلة ذلك:مارواه مسلم(606)
عن جابربن سمرة؛قال:(كان بلال يؤذن إذا دحضت،فلايقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذاخرج أقام الصلاة حين يراه)
وروى البخاري(626)عن عائشة رضي
الله عنهاقالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاسكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجرقام،فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، بعدأن يستبين الفجر،ثم اضطجع على شقه الأيمن،حتى يأتيه المؤذن
للإقامة)
المسألة الخمسة عشرة:
وهي أنه لايشرع للإمام إذادخل لخطبة الجمعة في الوقت، أن يصلي تحية المسجد،وهذامجمع عليه بين السلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كانوا يصلون بالناس الجمعة لم يكونوا يصلون تحية المسجد.
قال الحافظ ابن حجرفي الفتح (410/2)(اتفقواعلى سقوط التحية
عن الإمام مع كونه يجلس على المنبر
قال النووي في روضة الطالبين (33/2)(وذكرصاحباالعدة والبيان أنه
يستحب للخطيب إذاوصل المنبر أن
يصلي تحية المسجدثم يصعده.وهذا
الذي قالاه غريب وشاذ ومردود،فإنه
خلاف ظاهرالمنقول عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن بعدهم)
تم بحمدالله
في23 صفر1438هجرية
كتبه أخوكم أبوالحارث
عبدالله الريني
المدينة النبوية حرسها الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More