بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنامحمدوعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه
أمابعد:فهذا الدرس الثالث من صلاة الضحى.
المسألة الخامسة:
عددركعات صلاة الضحى
أكثرصلاة الضحى غيرمقيدبعددمعين
لمارواه مسلم(719 )عن عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي الضحى أربعاويزيدماشاءالله.
قال الشيخ محمد بن عثيمين في التلخيص المعين على شرح الأربعين
(135 )(أقلها ر كعتان وأكثرها لاحد له فصل ماشئت فأنت على خير )
وأنظرإكمال المعلم(55/3 )وطرح التثريب(71-72/3 )
أقلها:ركعتان،وهذامجمع عليه،لماروى
مسلم عن أبي ذرعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة
وأمربالمعروف صدقة ونهي عن المنكرصدقة ويجزيء من ذلك ركعتان يركعهمامن الضحى )مسلم (720 )في كتاب صلاة المسافرين وقصرهاباب استحباب صلاة الضحى،
وأن أقلها ركعتان واكملهاثمان ،وأوسطها أربع ركعات أوست،والحث على المحافظة عليها.
فائدة :(قال في طرح التثريب)(69/3 )(أي عليه على سبيل الأستحباب المأكد وليس المرادأن عليه ذلك على سبيل الوجوب،وهذه
العبارة تستعمل في المستحب كما تستعمل في الواجب ومنه حديث للمسلم على المسلم ست خصال )،
والسلامي:هناك الكف ومفاصله،ثم استعملت في جميع عظام الجسد ومفاصله،وقدجاءتفصيل ذلك في الحديث الذي رواه مسلم(1007 )عن
أبي توبة الربيع بن نافع حدثنا معاوية عن زيدأنه سمع أباسلام يقول
حدثني عبدالله بن فروخ أنه سمع عائشة تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إنه خلق كل إنسان
من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن كبرالله وحمدالله وهلل الله وسبح الله واستغفرالله وعزل حجرا عن طريق الناس أوشوكة أو عظمامن طريق الناس وأمربمعروف
ونهي عن منكرعددتلك الستين والثلاثمائة السلامي فإنه يمشي يومئذوقد زحزح نفسه عن النار.قال أبوتوبة وربماقال:يمسي.
وأما أنه يجوزللمسلم أن يصليها أربع ركعات،فيدل عليه حديث أبي الدرداء
وأبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن آلله عزوجل أنه قال
(ابن آدم أركع لي من أول النهار أربع ركعات،أكفيك آخره )أخرجه الترمدي
وقدسبق تخريجه
وأما أنه يجوز للمسلم أن يصليها ست ركعات
فيدل عليه حديث أنس بن مالك:(أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يصلي الضحى ست ركعات ) أخرجه الترمدي في(الشمائل 273 )
وصححه الألباني في الشمائل المحمدية(156)وذكرشواهده وطرقه في الإرواء(216/2 )
وإن جعلهاالمسلم في أكثر الأيام ثمان
ركعات فهوحسن لمارواه مسلم عن أم
هانىء بنت أبي طالب أنه لماكان عام
الفتح أتت رسول آلله صلى الله عليه وسلم وهوبأعلى مكة،فقام رسول الله
صلى عليه سلم إلى غسله فسترت
عليه فاطمة ثم أخذ ثوبه فالتحف به
ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى.
ولماروى ابن أبي شيبة عن حديفة قال:خرجت مع رسول آلله صلى الله عليه وسلم إلى حرة بني معاوية فصلى الضحى ثمان ركعات طول فيهن.
رواه ابن أبي شيبة (7900 )قال: حدثناابن نمير،ورواه البخاري في تاريخه(285/6 )من طريق عبدة، كلهماعن محمدبن إسحاق عن حكيم
بن حكيم عن علي بن عبدالرحمن عن
حذيفة. رواته محتج بهم،عداعلي بن
عبدالرحمن-وهومولى ربيعة بن الحارث -،فقدوثقه ابن حبان، وذكر البخاري أنه لايدري هل هو المعاوي
أو لا،والمعاوي ثقة.
ولماثبت عن عاصم بن عمربن قتادة،
عن جدته،رميثة قالت:أصبحت عند عائشة فلما اصبحنا قامت فاغتسلت ،
ثم دخلت بيتالها فأجافت الباب قالت: يا أم
المؤمنين،ما أصبحت عندك إلا لهذه
الساعة،قالت:فادخلي،قالت:فدخلت،
فقامت(فصلت ثماني ركعات، لاأدري
أقيامهن أطول أم ركوعهن أم سجودهن؟ثم التفتت إلي فضربت فخذي،فقالت:يارميثة رأيت رسول الله صلى آلله عليه وسلم يصليهاولو
نشرلي ابواي على تركهاماتركتها )
رواه النسائي في الكبرى(384 )وقال أخبرني عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم،قال:حدثنايحي،قال:حدثنا يوسف بن الماجشون،عن أبيه،عن عاصم به.وسنده صحيح،ورميثة صحابية .
وروا أبويعلى كمافي المقصدالعلي (392 )قال:حدثناأحمدبن حاتم، حدثنايوسف بن ماجشون به بنحو الرواية السابقة.
ورواه أحمد(25078 )قال:حدثنا وكيع،حدثناأبي،عن سعيد بن مسروق
عن أبان بن صالح،عن أم حكيم،عن عائشة، قالت:(صليت صلاة كنت اصليهاعلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم لوأن أبي نشر،فنهاني عنها، ماتركتها )
ورواه ابن أبي شيبة(7897 )ومسدد كمافي المطالب العالية(650 ) والنسائي في الكبرى(485 )
من طريق القعقاع بن حكيم،أن رميثة
بنت حكيم حدثته،أنهاأتت عائشة... فذكرالموقوف منه. وقدتفردابن عجلان عند مسدد بنفي المرفوع، ورجاله محتج بهم،
والذي يظهر أنه لاتعارض بينهماأصلا،
فابن الماجشون روى المرفوع والموقوف، والثابت عن القعقاع بن حكيم رواية الموقوف وحده. والله أعلم.
قال النووي في شرح مسلم233/5 )
عندشرحه لحديث أم هانئ السابق: (استدل به أصحابنا والجمهورعلى استجاب جعل الضحى ثمان ركعات )
وأنظرالمجموع(36/4 )
ويجوزللمسلم أن يصليها أثنتي عشرة
ركعة، ويدل على ذلك حديث أبي الدرداء رضي الله عنه،قال:قال رسول
آلله عليه الصلاة والسلام:( من صلى الضحى ركعتين، لم يكتب من الغافلين،ومن صلى أربعا،كتب من العابدين،ومن صلى ستا،كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيا،كتبه الله من القانتين،ومن صلى ثنتي عشرة ركعة،
بنى الله له بيتافي الجنة،ومامن يوم
ولاليلة الا لله من يمن به على عباده صدقة،وما من الله على أحدمن عباده
أفضل من أن يلهمه ذكره )أخرجه الطبراني في الكبيروأورده الهيثمي
في(مجمع الزوائد )(237/2 )
وفيه موسى بن يعقوب الزمعي،وثقه
ابن نعيم وابن حبان،وضعفه علي ابن
المديني وغيره،وبقية رجاله ثقات )اه
وموسى بن يعقوب صدوق سيئ
الحفظ،كمافي (التقريب )(554 )وقد
أخرج البزار(كشف الاستار334/2) مايشهدله عن أبي ذر أورده المنذري في الترغيب وحسن الألباني حديث
أبي الدرداء وأبي ذر في(صحيح الترغيب والترهيب )(279/1 )
وعندبعض أهل العلم يحمل إطلاق عائشة رضي الله عنها،لماسألتهامعاذة
((كم كان رسول آلله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟قالت:أربع
ركعات،ويزيد ماشاءالله )رواه مسلم
ويرى بعض أهل العلم أن صلاة الضحى دون حد لأكثرها
فيصلي ماشاءالله أن يصلي ورجح هذاالقول كثير من العلماءالمعاصرين
ومنهم الشيخ ابن عثيمين كمافي كتابه صفة الصلاة (194 )وقال:كما سبق معنامن شرح الاربعين(135 )
(أقلهاركعتان وأكثرها لاحدله،فصل ما
شئت فأنت على خير )
وقال أيضافي شرحه على رياض الصالحين(153/5 )
نقول:أماأقلهافركعتان، وأماأكثرهافما شاءالله، لوتبقى تصلي كل الضحى، فأنت على خير،ولهذاتقول عائشة رضي الله عنها:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى أربع ركعات،ويزيدماشاءالله )ولم تحدد، واماقول من قال:إن أكثرهاثمان،ففيه
نظر،لأن حديث أم هانئ في فتح مكة
أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات،لايدل على أن هذاهوأعلاه،فإن هذا وقع اتفاقا، ومايقع اتفاقا ليس فيه دليل على الحصر.
وللمسلم أن يصليهاركعتين ركعتين
ويدل على ذلك عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-:(صلاة الليل والنهار مثنى مثنى )
حديث صحيح عن ابن عمر،أخرجه النسائي(223/3 )وابن ماجة(1322)
ويجوزللمسلم أن يصليها أربع ركعات
متصلات،كالصلاة الرباعية،ويدل عليه
إطلاق لفظ الأحاديث الواردة في ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم (اركع لي من اول النهار أربع ركعات)
(ومن صلى أربعاكتب من العابدين )
قال أبوعيسى الترمذي عند الحديث على لفظ أربع قبل الظهر(والعمل على هذاعندأكثرأهل العلم من أصحاب النبي صلى آلله عليه وسلم ومن بعدهم،يختارون أن يصلي الرجل قبل
الظهرأربع ركعات ،وهوقول سفيان الثوري،وابن المبارك،وإسحاق،وأهل الكوفة )
وقال بعض أهل العلم:(صلاة الليل والنهار مثنى مثنى،يرون الفصل بين كل ركعتين،وبه يقول الشافعي وأحمد )أنظرسنن الترمذي (290-298/2 )
ومن الشواهدللفظ الأربع وأنهن متصلات ماجاء في صلاة الأربع قبل العصر وقدرغب النبي صلى الله عليه فيها في قوله(رحم الله امرأصلى قبل
العصرأربعا )رواه أحمد والترمذي وأبوداودوالحديث حسنه الألباني في
صحيح سنن أبي داود(237/1 )
فإنه جاءفي صفتها أربع ركعات متصلات بتشهدين كالصلوات الرباعية فيسلم في آخرهن،
عن عاصم بن ضمرة السلولي،قال:
سألنا عليا عن تطوع رسول الله صلى آلله عليه وسلم بالنهار؟فقال:إنكم لا تطيقونه فقلنا:أخبرنا به نأخذمنه ما استطعنا.قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاصلى الفجر،يمهل، حتى إذاكانت الشمس من هاهنايعني
من قبل المشرق-بمقدارهامن صلاة العصرمن هاهنا،يعني:من قبل المغرب
قام فصلى ركعتين ثم يمهل حتى اذا كانت الشمس من هاهنايعني من
قبل المشرق،مقدارهامن صلاة الظهر من
هاهنا،قام فصلى أربعا،وأربعاقبل الظهر إذا زالت الشمس،وركعتين بعدها،(وأربعا
قبل العصريفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبين ومن تبعم من المسلمين والمؤمنين.قال علي:فتلك ست عشرة ركعة تطوع رسول الله صلى الله عليه بالنهار،وقل من يداوم عليها )
أخرجه الترمذي (424 )وأخرجه النسائي(120-119/2 )وابن ماجه(1161 )والحديث حسنه الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة)(237 )
وفي رواية للنسائي(كان رسول آلله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات،يجعل التسليم في آخره)
قال أبوعيسى الترمذي
(حديث حسن وأختار إسحاق ابن إبراهيم ألا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال إسحاق:ومعنى أنه يفصل بينهن، بالتسليم يعني التشهد. ورأى الشافعي وأحمد صلاة الليل مثنى مثنى،يختاران الفصل في الأربع قبل
العصر )
والظاهر من هذه الأحاديث وإطلاق
لفظ الأربع أنه يجوز أن يصليها متصلات كالصلاة الرباعية.والله أعلم
تم بحمد
في 10صفر لعام 1438
كتبه أخوكم أبوالحارث
عبد الله الريني
0 التعليقات:
إرسال تعليق